كيف لنا أن نحرر المسجد الأقصى ونحن نجهل أبسط المعلومات والمفاهيم عن بيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك؟
بقلم: أ.سارة عويس
تحرير بيت المقدس : الإعداد المعرفي
Beit Rima
عادة في حديثنا عن تحرير بيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك، نغفل عن عنصر مهم وأساسي للتحرير. فقد اعتدنا على الحديث بإستمرار عن الدور السياسي والإعلامي والإغاثي في نصرة المسجد الأقصى. ولا شك أن هذه عناصر مهمة، ولكن هناك عنصر أساسي نغفل عنه للأسف، ألا وهو الجانب المعرفي أو الإعداد المعرفي لتحرير بيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك.
الإعداد المعرفي هو بمثابة اللبنة الأولى والأساسية في تحرير المسجد الأقصى. وهذا الإعداد يجب أن يسبق الإعداد السياسي والإعداد العسكري. لذلك، فنحن في أمس الحاجة للإعداد المعرفي في يومنا الحالي.
فكيف لنا أن نحرر المسجد الأقصى ونحن نجهل أهميته في ديننا وتاريخنا وثقافتنا؟ كيف لنا أن نحرر المسجد الأقصى ونحن نجهل أبسط المعلومات والمفاهيم عن بيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك؟ كيف يمكننا نحن كأمهات ومربيات أن نربي ونزرع في قلوب وعقول أبنائنا حب المسجد الأقصى؟ كيف سنصنع جيل التحرير والتغييروالعمران؟
إن غرس حب المسجد الأقصى يبدأ معك أنت أولاً، فقبل أن نطلب من السياسي والمؤرخ والعسكري بدوره اليوم، علينا أن نبدأ بأنفسنا نحن الأمهات. إن لم يكن لدينا من المعرفة والوعي الكافي عن قضية الأمة: قضية بيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك، فكيف إذاً سنصنع جيلاً قوياً يغير وضعنا اليوم من الذل إلى الكرامة، ومن التفكك إلى الوحدة، ومن الإحتلال إلى التحرير.
نحن لسنا بحاجة لأن نخترع العجلة من جديد، فالإحتلال الحالي لبيت المقدس ومسجده الأقصى المبارك ليس أول احتلال لها. فكيف اذاً تم تحريرها من المحتل سابقا؟
الفتح العمري لبيت المقدس
لو نظرنا إلى الفتح العمري لبيت المقدس، لوجدنا أنه لم يبدأ بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنما كانت البداية مع المعلم الأول رسول الله محمد صلى الله عليه والسلام، الذي وضع الخطة الإستراتيجية لتحرير بيت المقدس، والذي بدأ بالإعداد المعرفي في مكة المكرمة واستمر في المدينة المنورة.
والجدير بالذكر أن الإعداد المعرفي لم يبدأ في الفترة المدنية عند معركة مؤته وغزوة تبوك، وإنما بدأ العمل لتحرير بيت المقدس بالإعداد المعرفي منذ بداية النبوة، حتى أصبح هنالك ثقافة بيت المقدس وثقافة التحرير بارزة عند كل صحابي وصحابية.
ففي هذه الفترة، كان الصحابة رضوان الله عليهم يأتون ويسألون سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن بيت المقدس، حتى وصلت هذه الثقافة والمعرفة إلى الخدم فتأتي ميمونة رضي الله عنها (مولاة الرسول عليه الصلاة والسلام) وتسأله "أفتنا في بيت المقدس"، إلى أن أصبحت بيت المقدس بوصلة حياتهم.
الأمثلة كثيرة التي تدل على حب الصحابة لبيت المقدس فنحن على سبيل المثال نتعرف عن البناء الأول للكعبة المشرفة والمسجد الأقصى من خلال سؤال وحديث أبي ذر الغفاري: "عن أبي ذرٍّ قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أيُّ مسجدٍ وضعَ في الأرضِ أولَ ؟ قال : المسجدُ الحرامُ ، قلتُ : ثم أيُّ ؟ قال : المسجدُ الأقصى ، قلتُ : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنةً ، ثم حيثُما أدركتْكَ الصلاةُ فصلِّ ، فهو مسجدٌ". فبعد أن تم إعداد الصحابة معرفياً ومن ثم إعداداً سياسياً وإعداداً عسكرياً، إستمر على خطة رسول الله بعد وفاته خليفة المسلمين الأول أبو بكر الصديق ومن ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قطف ثمرة التحرير بعد سنوات من العمل المتواصل والإعداد.
اذاً فهؤلاء الصحابة الذين عانوا من المصاعب والتعذيب الأمرين في مكة المكرمة، ومع ذلك كانت قضية بيت المقدس الأولى في حياتهم فحرروا وهزموا أكبر قوة عظمى في ذلك الوقت، الإمبراطورية البيزنطية.
صلاح الدين الأيوبي و بيت المقدس
عندما نتحدث عن التحرير الصلاحي لبيت المقدس أيضاً نجد أنه مر عبر أجيال: بداية بالعلماء، ثم عماد الد زنكي، وابنه نور الدين زنكي، ثم تلميذه صلاح الدين الأيوبي.
وعندما دخل السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي فاتحاً هو وجنوده إلى المسجد الأقصى وهم منتصرين بعد 88 سنة من الإحتلال الصليبي، خاطبهم قائلاً: "لا تظنوا أني فتحت البلاد بسيوفكم، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل".
والقاضي الفاضل هو عبد الرحيم البيساني، عالم من علماء الأمة من بيسان. وبالفعل كانت دولة صلاح الدين الأيوبي قائمة على قائدين: القائد السياسي والعسكري صلاح الدين الأيوبي، ورجل العلم والمعرفة القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني. فكان هناك تحالف ما بين المعرفة والسلطة السياسية والعسكرية، وهذا ما نفتقده اليوم. فمنذ الإحتلال البريطاني لبيت المقدس منذ أكثر من 100 سنه، إهتممنا بالجانب السياسي والجانب العسكري ولكن أغفلنا الجانب المعرفي.
اذاً المعرفة هي أول خطوة، بل الأساس لتحرير بيت المقدس
فما هو دور الأسرة في البناء المعرفي ؟ ............يُتبع